شهادات

شهادة رقم ٤٠ على المدونة ضد المخرج ت.ع

أحيانا نحتاج سنوات طويلة حتى نستطع التعامل مع خبرات التحرش الجنسي أو العنف التي مررن بها. ربما يدفعنا موقف صغير إلى تذكر ما حدث واستدعاء الألم الذي كان مصاحب له. وربما نجد أنفسنا بدون مقدمات محاصرات بذكريات ثقيلة حاولنا لسنوات تجنبها. في محاولة من صاحبة الشهادة التالية للتعافي من أثار ما تعرضت له من عنف جنسي، تشاركنا قصتها، وما مرت به مشاعر، وتحكي لنا لماذا قررت كتابة شهادتها بعد عشرة سنوات مما تعرضت له. نشكرها على ثقتها، ونتذكر معها أن الحكي ربما يكون طريقة للتعافي بالنسبة لبعض منا كنساء، لكنه بكل بالتأكيد ليس الطريقة الوحيدة. نتمني لها ، ولكل من مررن بخبرات عنف جنسي التعافي، أيا ما كانت الطريقة التي تختارها كل منهن في سبيل الوصول لذلك

إليكم نص الشهادة كما وردت إلينا من صاحبتها

“كتابة الشهادة دي اخذت اكتر من ١٠ سنين إني اكتبها. ترددت كتير ودائما تسألت اذا أنا حقا شخص قوي ومستعد لمواجهة مخاوفي، و لا بس بكتفي في معظم الوقت في مساندة الاخريات في مواجهة مخاوفهم. السؤال ليه دلوقتي انا قررت اكتب الشهادة؟ لأن بعد أكثر من ١٠سنين لسه مشهد الحادثة بيهاجمني في كوابيسي حتى بعد ما بقيت أمرأة بالغة فوق الثلاثين

من أكثر من ١٠ سنين كنت فتاة عندها ١٨ سنة، يدوبك بدأت انفتح لعالم الفنانين و المثقفين في القاهرة، قابلت المخرج “ت.ع” مع مجموعة يمكنني الوثوق فيها، وكان ده في تواجد اشخاص من عيلتي اللي بثق فيهم، وكان بالنسبة لي طالما دول قالوا أن ده شخص محترم، دون تفكير حصدق

تقابلنا مع مجموعة من ضمن تصوير فيلم مستقل ومع فريق العمل، لانني كنت بأعمل كمساعدة، وهذا المخرج في هذا الوقت أيضا كان مساعد. في أحد السهرات بعد يوم تصوير، جلسنا جميعا في مكان ما عام، وبدأ يظهر لي ان هذا الشخص نوعا ما مختلف عن الأخرين، وأنه مهتم بي بشكل خاص. كفتاة في ال ١٨ فرحت بالشعور بالاهتمام، بعد السهرة ركبت معه السيارة، وطول الطريق يقنعني اني ممكن اجي ابات عنده، الحجة كانت اني كنت ساكنة بعيد في مدينة جديدة ، ولأنني كنت ما زلت بتعرف على هذا المجتمع، و شفت بعيني انه الشخص ده مش متفتح قوي زي الباقيين، ماوفقتش و أصريت اني اروح، بس هو طول الطريق مابطلش يحاول يقنعني، و لاني عنيدة بردة رفضت وأصريت اني أروح. فاقترح علي اني اجي افطر معاه الصبح، و ده وقتها يمكن حسسني بالأمان أنه أكيد مش قصده حاجة، و يمكن هو بس معجب بي، ففعلا روحت بيتي، و كنت متحمسة أروح الصبح بالنهار افطر معاه. قلت له اني عندي بحث للجامعة، فقال خلاص نفطر سوا و تيجي تشتغلي عندي

الصبح كنت متحمسة ومجهزة كل حاجة، وقلت لماما اني رايحة افطر مع واحد صديقي و اذاكر عنده، و اخذت كيكة و اللابتوب و نزلت في اخدت طريق طويل ومواصلات كتير حتى وصلت البيت و خبطت فتح لي المخرج “ت.ع” بالبوكسر، و علامات النوم باينة عليه، اتخضيت شوية خصوصا أنه عارف اني جاية، وقلت يمكن أنا جيت بدري و اني متحمسة زيادة، بس مكنش في بالي أي حاجة تانية. دخلت البيت، كانت كل الشبابيك مقفلة، قال هدخل الحمام و أنتِ اتفضلي و دخلت عالصالة، فتحت الشباك، و طلعت اللابتوب و حطيت الكيكة، هو خرج و سألني تشربي ايه، قلت نشرب شاي باللبن عشان معايا كيكة، اخدني على غرفة النوم و قالي نقعد هنا أحسن. كنت حاسة بريية بس كنت بحاول اكذب نفسي، دخلت الأوضة و رحت ع الشباك على طول و فتحته، واخدت اللابتوب و حطيته ع الترابيزة . فاكرة الأوضة بالتفاصيل، السرير كان بعيد عن الشباك و عن الترابيزة نوعا ما، في وسط ما احنا بنتكلم عن أنا مفروض أحضر ايه للجامعة، كان هو قفل الشباك تاني، على حد منا فاكرة موضوع الشباك ده اتكرر أكتر من مرة، أنا افتحه وهو يقفله، راح نام على السرير و قالي تعالي، وأنا كل ده بحاول أقول مش ممكن يكون قصده حاجة وحشة، أكيد معجب بيا، و أكيد أنا مش لازم ابين اني خايفة، لاني عمري مابينت خوفي لحد. لما رحت ع السرير قعدت على طرفه و بحاول اقوله أنه لازم يصحى و اني عندي البحث لازم اعمله، كان هو بدأ يحضني و يزقني أكتر نحيته. مش فاكرة بقيت الأحداث لان على مدار ١٠ سنين كنت بحاول انساها و امحيها من دماغي

الموضوع مارحش في حته بعيدة لأني رفضت و زقيته، و كان رده وقتها: يعني أنتِ عايزة تفهميني انك جيتي كل الطريق ده عشان تذاكري و تشربي شاي؟ الجملة وقعها على وداني كان زي الصعقة. مش بس لأن ده هو اللي حصل فعلا، بس كمان لاني تخيلت لو كنت فعلا وثقت فيه و رحت معاه اليوم اللي قبله كان هيحصل ايه؟!
لميت حاجتي بسرعة البرق وخرجت بره الشقة، ومشيت مسافة طويلة أوي أوي من بيته وأنا بعيط و حاسة بغضب و ذنب. قابلت واحد صديقي و صديق العيلة، الوحيد اللي عرف عن القصة وقتها، لأن كان لازم حد يسمعني. الصديق كان عايز يروح يضربه بس أنا خفت جدا، و اترجيته ان مايعملش كدة

المهم روحت وكنت وعلى مدار سنة بشوف الناس بتتعامل معاه، بما فيهم اخواتي، وأنا مش قادرة اتكلم، لدرجة أن الناس كانت تسألني ليه ماصحبوش، وانه شاب محترم ولذيذ. وأنا مش عارفة احكي ولا ارد. و مش فاكرة غير جملته وشكله و هو بيقولها هو حاول الاتصال بي كتير، و اعتذاره كان بيقول فيه معلش أنا كنت سكران. و كان باين جدا أنه خايف إن باقي الناس تعرف خاصة أخواتي. وأنا كل اللي قلته لو عايز محدش يعرف، أبعد عني خالص و ما تحاولش تكلمني،. ولابينا ولا قدام حد. وفعلا الموضوع عدى عليه وقت، بس طبعا الدواير الصغيرة كانت بتخلينا نتقابل في حاجات مشتركة. كنت بحس بنفس نوع الغضب كل مرة بشوفه

في مرة من المرات بعد انفصاله عن صحبته ىكلمني، و قال أنه كان بيحبني، و طبعا في جزء جوايا كان نفسه يتسامح مع الموضوع و يصدق، و اتفقنا ننسى اللي فات، و انه كان صغير و لسه جاي للمدينة …الخ ( انا بحكي الجزء ده عشان كلام الناس اللي بتتسائل ليه حد ممكن يرجع يكلم أشخاص تسببوا لهم في اذية ؟؟ الموضوع مركب و معقد و أنا تفسيري الوحيد له، هو اني كنتي خايفة أشوف ناس بحبهم جدا و بثق فيهم بيدافعوا عنه، أو مش مصدقيني، و ده خلاني أتقبل وجوده في حياتي ع مدار سنين). و يمكن بسبب اننا تبادلنا الرسايل مرات، كنت دائما بخاف أنه يقول اني كذابة والدليل انها كانت بتكلمني عادي… لأ لأ ..الموضوع بيكون رغبة شديدة في النسيان و التعافي، و تصديق إن الشخص مكنش قصده الاذية في حد ذاتها

المهم أنا اخذت منحنى اخر و بعدت عن الدواير دي، و بقيت بشوف ناس أقل، و يمكن ده حكم السن، بس مابطلش يظهر “ت.ع” صدف، مرات في شغل مع شخص كنت مرتبطة بي، مرات مع أصدقاء و مشاريع، و أنا حتى صديقي اللي مفروض ان بينا علاقة ما قدرتش اقوله لاني كنت خايفة العلاقة تنهار بسبب أنه مايصدقنيش، فاخترت اني اقول اني مش بحب “ت، ع”، و أنه إذا تواجد في أي تجمع، أنا اللي مش هاجي، وبكده بقيت كل ما بعرف أنه متواجد في مكان أو تجمع ببساطة بختار اني ماروحش

الجدير بالذكر، أنه كان دائما يتكلم عني كويس جدا بطريقة مبالغة اذا ذُكر اسمي، و ان قد ايه هو بيحبني،على الأقل ده اللي كانوا بيتنقلي من الأصدقاء المشتركين، و ده خلاني معرفش احكي حاجة لأي حد، وعلى مدار سنين كان بس اللي يعرف القصة هو صديقي اللي قابليني يومها. بعد ما قررت اني اقول للناس القريبة اللي كانت بتتواجد معاه بعدم ارتياحي لوجوده ، و ده تسبب اني انسحب من صداقات كاملة لعدم تصديق الاخرين أو رغبتهم في معرفة تفاصيل أكتر، كان دائما الرد، ده “ت.ع” جميل جدا و محترم، لدرجة إن فيه أصدقاء بنات كانوا بيسألوني عليه (بما اني في الوسط) لانهم معجبين به أو حد يعرفوه معجب بيه، في اللحظات دي كنت بقول الحقيقة و احساسي، و كنت دائما بفكر إن الناس بتتغير و يمكن اتعلم و فهم غلطته

وفي نفس الفترة بالصدفة وانا قاعدة على قهوة مع بعض اصدقائي، و وجت بنت في نفس سني وقتها أو يمكن أكبر شوية ، بنت مش متحررة بالمعنى المعروف لدي هذا الوسط الازدواجية، “بنت عادية”، (مع اني ارفض هذا اللفظ لأني بشوف نفسي بنت عادية)، -ما علينا- المهم البنت كانت منهارة في العياط و منزوية ، فيقولي احد اعز اصدقائي (اللي كنت حكيته القصة بسبب تودد “ت.ع” له في فترة و تواجده دائما حوالينا)، إن القصة اتكررت مع البنت دي اللي يمكن كان عندها ٢٠ أو حاجة، (مع ان السن مش مبرر لأي فعل، ولكن يمكن دلالة ع قلة الخبرة بنوع التجارب و المواقف المؤذية اللي ممكن نمر بيها). البنت تقريبا قالت تفاصيل مشابهة جدا، انا حسيت بغضب شديد جدا وكأن العشر سنين مافتوش وما خفي كان أعظم، ورحت البيت عملت للشخص ده بلوك من كل حتة

كنت دائما بستغرب أنه عادة علاقته، مع بنات مشهورة، قوية ومعروفة وإن ازاي البنات دول بيتخدعوا فيه، بس أنا كمان انخدعت، اه كنت أصغر بكتير، بس بفضله أنا مش بثق في حد ابدا حاليا، و دائما كل شئ جايز، و اي حد ممكن يكون متحرش ومش بيتغير بس يمكن بقى يعرف يداري أكتر او يختار ضحاياه بذكاء أكتر
أنا دلوقتي مش خايفة أقول الحكاية، ولا خايفة حد يزعل ومايصدقنيش ، ولا خايفة الناس حتقول علي ايه، أنا كان نفسي بس لو كان عندي الشجاعة الكافية اني اقول القصة عشان احمي بنات تانية من وجه الحمل الوديع

ملحوظة: انا كتبت شهادتي لأني حلمت إني شفت زوجة هذا الشخص (هو تزوج مؤخرا) و أقعدت اصرخ و اقولها جوزك متحرش، فحسيت اني مش مستعدة ابدا أعيش بالغضب ده أكتر من كدة، ولا من أن مع كل شهادة أو قصة استرجع الموقف و انتكس